خطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة خطبة الأسبوع ، خطبة الجمعة القادمة، خطبة الاسبوع، خطبة الجمعة وزارة الأوقاف

خطبة الجمعة : عبادة الحج وتهذيب السلوك بقلم د/ خالد بدير

لتحميل الخطبة

الحج-وتهذيب-السلوك word

الحج-وتهذيب-السلوك pdf

 

خطبة جمعه بعنوان: عبادة الحج وتهذيب السلوك

 

عناصر الخطبة:

العنصر الأول: فضل الحج ومكانته في الإسلام.

العنصر الثاني: أعمال تعدل أجر الحج في الجزاء

العنصر الثالث: أثر العبادات في تهذيب السلوك.

العنصر الرابع: فضل عشر  ذي الحجة.

 

المقدمة:                                                            أما بعد:

العنصر الأول: فضل الحج ومكانته في الإسلام.

إن الحج من أفضل العبادات على الإطلاق؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ؛ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قال : إيمانٌ باللهِ ورسولِه . قِيلَ: ثم ماذا ؟ قال جهادٌ في سبيلِ اللهِ. قِيلَ: ثم ماذا؟ قال: حجٌّ مَبرورٌ .” (متفق عليه)

ويكفي الحج فضلاً أن الحاج يولد من جديد؛ فكما أن المولود يولد على الفطرة لم يرتكب ذنباً أو خطيئةً ؛ فكذلك الحاج !! فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ “(متفق عليه)

فالذي أكرمه بحج بيت الله الحرام قد جمع بين ثوابي الدنيا والآخرة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ” (متفق عليه)

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ” (الترمذي وابن ماجة والنسائي) ؛ فهو قد جمع بين ثواب الدنيا من الغنى ونفي الفقر والذنوب؛ وبين ثواب الآخرة وهو الجنة؛ وهل هناك أعظم من ذلك في الدنيا والآخرة؟!!

فالحج بذلك يهدم ما كان قبله من المعاصي والذنوب؛ فَعَن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ: لَمَّا جعل اللهُ الإسلامَ في قلبي أتيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقلتُ: يا رسولَ اللهِ ابسُطْ يمينَك لأبايعَك؛ فبسط يدَه فقبضْتُ يدي. فقال: مالك يا عَمرو؟ ! . قال: أردتُ أن أشترطَ . قال : تشترطُ ماذا ؟ قال: أن يُغفَرَ لي . قال : أما علمتَ يا عَمرو ! أنَّ الإسلامَ يهدِمُ ما كان قبلَه ، وأنَّ الهجرةَ تهدِمُ ما كان قبلَها ، وأنَّ الحجّ يهدِمُ ما كان قبلَه ؟ ! .( مسلم)

وقد عد الرسول صلى الله عليه وسلم الحج لونا من ألوان الجهاد في سبيل الله؛ فعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَفَلَا نُجَاهِدُ؟ قَالَ: لَا لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ” (البخاري)

لذلك كانت عائشة رضي الله عنها لا تتركه منذ أن علمت أنه جهاد؛ فَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَلَا نَغْزُو وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ؟ فَقَالَ:” لَكِنَّ أَحْسَنَ الْجِهَادِ وَأَجْمَلَهُ الْحَجُّ حَجٌّ مَبْرُورٌ” فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَا أَدَعُ الْحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” (البخاري)

عباد الله: إن للحج فضائل كثيرة؛ وأن من لم يحج بيت الله الحرام مع القدرة عليه فقد حرم خيراً كثيراً ؛ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ” قال اللهُ: إنَّ عبدًا صحَّحْتُ له جسمَه ووسَّعْتُ عليه في المعيشةِ يمضي عليه خمسةُ أعوامٍ لا يفِدُ إليَّ لَمحرومٌ ” (البيهقي وابن حبان وصححه الألباني في الصحيحة)

عباد الله: هذه بعض الأحاديث التي وردت في فضل الحج عامة؛ وهناك أحاديث أخرى كثيرة في فضل مناسك الحج وأعماله لا حصر لها؛ كالأحاديث في فضل التلبية والطواف والذبح والرمي ويوم عرفة والأضحية وغيرها؛ ويكفي القلادة ما أحاط بالعنق.

أحبتي في الله: كل هذه الفضائل جعلت الحج من أفضل العبادات؛ يقول الإمام أبو حنيفة – رحمه الله-: جعلت أفاضل بين العبادات؛ كلما تتبعت عبادة وجدت لها أفضلية؛ فأقول: هي الأفضل؛ فلما تتبعت الحج وجدته أفضلهم لاشتماله على جميع العبادات كلها.أ.ه

لأنك حينما تتكلم عن فضل الصلاة تتكلم عنها منفردة؛ وكذلك الصيام؛ والزكاة؛ أما الحج فهو موسم تجتمع فيه العبادات كلها؛ وبذلك اجتمعت فيه فضائل العبادات كلها؛ وهذا لا يتأتى في عبادة غير الحج؛ قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:”والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة؛ لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتَّى ذلك في غيرها.”

هذه الفضائل والهبات والعطايا والمنح العظيمة تجعل الإنسان دائم الشوق إلى الحج :

إليك إلهي قد أتيتُ ملبياً *** فبارك إلهي حجتي ودعائيا

قصدتك مضطراً وجئتك باكياً *** وحاشاك ربي أن ترد بكائيا

كفاني فخراً أنني لك عابد *** فيا فرحتي إن صرتُ عبداً مواليا

أتيتُ بلا زاد وجودك مطمعي *** وما خاب من يهفو لجودك ساعيا

إليك إلهي قد حضرتُ مُؤمّلاً *** خلاصَ فؤادي من ذنوبي ملبياً

أحبتي في الله: أرى قلوبكم وأفئدتكم تحركت شوقاً وحنيناً تجاه البلد الحرام؛ ولكنكم لا تستطيعون!! ولكني في هذا المكان ومن فوق هذا المنبر؛ وفي هذه الساعة؛ أبشركم بأعمالٍ تعدل أجر الحج في الثواب؛ إذا فعلت منها عملاً واحداً فقد حججت بيت الله الحرام؛ وهذا ما سنعرفه في عنصرنا الثاني إن شاء الله تعالى.

العنصر الثاني: أعمال تعدل أجر الحج في الجزاء

عباد الله: من أجلِّ وأعظم نفحات ربنا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن شرَّع لهم أعمالاً تعدل الحج في الجزاء والفضل والثواب ، لكن لا تغنيه هذه الأعمال عن حج الفريضة إذا بلغ حد الاستطاعة.

 إنني أزف إليكم بشرى لمن تقطع قلبه وذرفت عيناه شوقاً لبيت الله الحرام لكن يعجز عن ذلك، واعلموا أن من رحمة الله – تبارك وتعالي – بعباده أن جعل من حالت دونه السبل عن الحج لعذر شريكاً لمن ذهب في الأجر، بل شرع الله لنا أعمالاً تعدل أجر الحج والعمرة ، هذه الأعمال لا تكلفك تأشيرةً ولا مالاً ولا سفراً، وقد جمعتها لكم مدعمة بالأدلة الصحيحة الصريحة من القرآن والسنة وتتمثل فيما يلي:-

أولاً: المكث في المسجد بعد صلاة الفجر حتى الشروق ثم صلاة ركعتين.

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة” (أخرجه الترمذي بسند صحيح، وصححه الألبـاني في الصحيحة)

ثانياً: حضور صلاة الجماعة والمشي إلى صلاة التطوع:

فقد أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من مشي إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهى كحجة، ومن مشي إلى صـلاة تطوع فهي كعمرة نافلة . وفي رواية : ومن مشى إلى سبحة الضحى كان له كأجر المعتمر “ـ(صحيح الجامع)

ثالثاً: حضور مجالس العلم في المساجد:

فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يُعَلِّمه، كان كأجر حاج تاماً حجته”.( أخرجه الطبراني والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب)، فضلاً عن السكينة والرحمة والمغفرة، فقد أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده”

رابعاً: الأذكار بعد الصلاة:

فقد أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : ” أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم فقال وما ذاك؟ قالوا: يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق، ولهم فضول أموالهم يحجون ويعتمرون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين مرة، قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فضل الله يؤته من يشاء.”

خامساً: عمرة في رمضـان:

فقد أخرج الإمام مسلم عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار يقال لها أم سنان:”ما منعك أن تكوني حججت معنا؟ قالت: ناضحان كان لأبي فلان – تعنى زوجها – حج هو وابنه على أحدهما، وكان الآخر يسقي عليه غلامنا، قال صلى الله عليه وسلم : فعمرة في رمضان تقضي حجة، أو حجة معى”. والناضح: الجمل .

سادساً: بـرُّ الوالـديـن:

فقد أخرج أبو يعلي بسند جيد: ” أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه، قال: هل بقي من والديك أحد؟ قال: أمي، قال: قابل الله في برها، فإن فعلت فأنت حاج ومعتمر ومجاهد”.

سابعاً: صدق النية مع الله

فعن أبي كبشة الأنماري – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إنما الدنيا لأربعة نفر : عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل رحمه ويعمل لله فيه بحقه فهذا بأفضل المنازل ، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية ويقول : لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان فأجرهما سواء ، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً فهو يتخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعمل فيه بحق فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول : لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان فهو ونيته فوزرهما سواء”( أخرجه الترمذي بسند صحيح، وصححه الألبـاني في الصحيحة)، فنية العبد خيرٌ من عمله ، فقد يحج ولا يقبل منه لسوء نيته، وقد لا يحج ويكتب له أجر حجة وعمرة تامتين تامتين لصدق نيته، لذلك جاء أول حديث في البخاري ” إنما الأعمال بالنيات “. فإذا كان الحج قد فاتك فإن أفعال الخير لا تفوتك فتلحق بركب الحجيج ، وما أجمل مقولة أحد السلف: ” من فاته في هذا العام القيام بعرفة فليقم لله بحقه الذي عَرَفَه، ومن عجز عن المبيت بمزدلفة، فليُبيِّت عزمه على طاعة الله وقد قرَّبه وأزلفه ، ومن لم يقدر على نحر هديه بمنى فليذبح هواه هنا وقد بلغ المُنى ، ومن لم يصلْ إلى البيت لأنه منه بعيد فليقصد رب البيت فإنه أقرب إليه من حبل الوريد”. 

العنصر الثالث: أثر العبادات في تهذيب السلوك.

إن الإسلام لم يشرع العبادات بكافة صورها طقوساً ولا شعائر مجردة من المعنى والمضمون، بل إن كل عبادة تحمل في جوهرها قيمة أخلاقية مطلوب أن تنعكس على سلوك المسلم المؤدي لهذه العبادة، وأن تتضح جلياً في شخصيته وتعاملاته مع الغير، وأيضاً فيما يرسمه لذاته من إطار يحرص على الالتزام به ولا يحيد عنه.

عباد الله : إن كثيراً منا يخطئ حينما يفصل العبادة في الإسلام عن السلوك، ولم يصبح هدف البشر الآن إلا التعبد دون أدنى اهتمام بتحقق الثمرة المرجوة من العبادة، ألا وهو حدوث تزكية النفس!! ودائما تُقرن نصوص القرآن والسنة الكلام عنهما.

ولو طوفنا حول جميع العبادات لوجدنا الهدف منها هو تهذيب الأخلاق وتزكيتها، فالزكاة المفروضة- مثلاً – ليست ضريبة تؤخذ من الجيوب، بل هي أولاً غرس لمشاعر الحنان والرأفة، وتوطيد لعلاقات التعارف والألفة بين شتى الطبقات، وقد نص القرآن على الغاية من إخراج الزكاة بقوله: ” خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ” [التوبة/103]، فتنظيف النفس من أدران النقص، والتسامي بالمجتمع إلى مستوى أنبل هو الحكمة الأولى، والناظر في هذه الآية يرى أن فيها بياناً لأثر الزكاة على المزكي من حيث تهذيب نفسه وإصلاحها، والمقصود هنا تطهيرهم من ذنوبهم التي لا بد أن تقع منهم، حيث الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، ومعلوم أن الخطايا قد تكون مادية كما تكون معنوية، ومن جملة الخطايا المعنوية البخل والشخ، وقد ذمهما الله تعالى، حيث قال عز وجل، “هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ”( محمد: 38 )، ويقول الله تعالى: “وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” ( الحشر: 9 )، حيث البخل والشح قيمتان سلبيتان في نفس الإنسان، بوجودهما لا يمكنه أن يمد يد العون لغيره من المحتاجين، فينتج عن ذلك آثار سلبية أخرى في نفوس هؤلاء المعوزين، حيث يرمقون هذا الغني البخيل بعين الغيظ والحنق والحسد، والحقد على من أعطاه الله من ماله، وحبس حق هذا المال عن عياله، فالخلق عيال الله كما ورد في الحديث القدسي، وعلى ذلك يسود المجتمع بخل وشح وتقتير، وحبس لحقوق الفقراء من أموال الأغنياء، وحنق وحسد وغيظ، وكل هذه صفات نهى الشرع عنها، لأنها كفيلة على قلتها أن تفتت كيان المجتمع، وأن تحل عرى الوفاق بين أفراده، فمجتمع لا يسوده الحب والوئام، هو مجتمع ضعيف هزيل، لا يستطيع أن يدفع عن نفسه أي شر أو أذى، ثم إنه لا يستطيع أن يكون له دور في ترقيه الحياة والسمو بها.

ومن أخلاق الزكاة أيضاً النهي عن المن في العطاء، فإذا أعطيت المحتاج مالا ثم مننت عليه، فقد أبطلت صدقتك، وهكذا تكون للزكاة علاقةٌ وطيدة بغرس القيم والأخلاق والتراحم بين أفراد المجتمع ولهذه الغاية العظمي فرضت زكاة الفطر في رمضان، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:” فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ” [ صحيح الترغيب والترهيب – الألباني ] ، وكل هذه معاني وأخلاق نبيلة يطهر بها الشرع أفراده ظاهراً وباطناً.

وفي الصلاة، تأتي الحكمة العليا منها في قوله تعالى: “وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ” (العنكبوت: 45) فأنت مأمور في أداء الصلاة في جماعة، لكي تحتك بالناس وتتفاعل معهم وتربطك بهم صلات وتواد وتراحم، فضلاً عن أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فالفحشاء والمنكر هما جماع الأقوال البذيئة والأفعال السيئة، وهما لا يظهران إلا في التعامل مع الناس في المجتمع. 

وفي الصيام نعلم أن رمضان هو شهر الأخلاق ومدرستها، فهو شهر الصبر، وشهر الصدق، وشهر البر، وشهر الكرم، وشهر الصلة ، وشهر الرحمة ، وشهر الصفح ، وشهر الحلم، وشهر المراقبة، وشهر التقوى، وكل هذه أخلاق يغرسه الصوم في نفوس الصائمين وذلك من خلال قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ » ( البقرة : 183) ، بكل ما تحمله كلمة التقوى من دلالات ومعان إيمانية وأخلاقية، ويربي الرسول صلى الله عليه وسلم الصائمين على أرفع القيم الخلقية وأنبلها حيث يقول: “الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ” (البخاري ومسلم)، فالصوم جنة أي وقاية من جميع الأمراض الخلقية، ويفسره ما بعده ” فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ” فإن اعتدى عليك الآخرون بسبٍّ أو جهل أو أذى فقل: ” إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ” وليس هذا على سبيل الجبن والضعف والخوَر؛ بل إنها العظمة والسمو والرفعة التي يربي عليها الإسلام أتباعه، وسواء كان هذا القول تلفظاً صريحاً، أو كان تذكيراً داخليا لنفسه بأنه صائم، فكلاهما فيه: تذكير النفس بحفظ الصيام من اللغو الذي قد يفسده، وفيه نوع من أنواع الصبر الكثيرة التي تجتمع في الصيام. والمعني: إني في غاية التقوى والتحلي بأخلاق الصيام ، ولا ينبغي لي أن أفسد صومي بالرد عليك بهذه الأقوال البذيئة، فإذا حاول إنسان استفزازك بما يحملك على رد إساءته، ومقابلة سبِّه بسب، فعليك أن تدرك أن الصوم يحجزك عن ذلك لأنه جنة ووقاية من سيء الأخلاق.

وفي الحج يغرس القرآن أسمى المعاني الأخلاقية في نفوس الحجاج والمعتمرين من خلال قوله تعالى: “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ” [البقرة/197]، فقد يظن الإنسان أن السفر إلى البقاع المقدسة رحلة مجردة عن المعاني الخلقية، بل أنت مأمور بضبط الأخلاق أثناء الزحام، كما يجب عليك اجتناب الرفث والفسوق والجدال والخصام في الحج، فضلاً عن غرس قيم الصبر وتحمل المشاق والمساواة بين الغني والفقير والتجرد من الأمراض الخلقية.

إن العبادات لا يمكن أن تؤتى ثمرتها المرجُوّة إلا إذا ظهر أثرها في سلوك المرء وأخلاقه وتعامله مع الآخرين، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له، ومن لم ينهه حجه وصومه عن اللغو والرفث والفسوق فما انتفع بحج ولا بصيام …..وهكذا

عباد الله: هذا العرض المجمل لبعض العبادات التي اشتهر بها الإسلام ، وعرفت على أنها أركانه الأصيلة ، نستبين منه متانة الأواصر التي تربط الدين بالخلق، إنها عبادات متباينة في جوهرها ومظهرها ، ولكنها تلتقي عند الغاية التي رسمها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: “إنما بُعثتُ لأتمم صالح الأخلاق “، لأنها كلها شرعت من أجل الأخلاق كما دللنا على ذلك بشواهد صحيحة من القرآن والسنة.

فالصلاة والصيام والزكاة والحج وما أشبه هذه الطاعات من تعاليم الإسلام  هى مدارج الكمال المنشود ، وروافد التطهر الذى يصون الحياة ويعلى شأنها ، ولهذه السجايا الكريمة التى تنشأ عنها أعطيت منزلة كبيرة فى دين الله، فإذا لم يستفد المرء منها ما يزكى قلبه وينقى قلبه! ويهذب بالله وبالناس صلته فقد هوى.

إن العبادة هي علاقة بينك وبين ربك، أما السلوك فهو علاقة بينك وبين الناس، ولابد أن تنعكس العلاقة بينك وبين ربك على العلاقة بينك وبين أفراد المجتمع، فتحسنها وتهذبها.

العنصر الرابع: فضل عشر  ذي الحجة.

 عباد الله: بعد أيامٍ قلائل نستقبل شهراً عزيزاً كريماً علينا؛ ألا وهو شهر ذو الحجة؛ هذا الشهر الكريم يبدأ بعشرٍ لها مكانتها وفضلها وأهميتها عند الله تعالي؛ وفي هذه العجالة السريعة أقف مع حضراتكم مع فضل هذه العشر؛ وقد ذكر العلماء عدة أسباب وفضائل لهذه العشر من ذي الحجة؛ جمعتها لكم مدعمة بالأدلة الصحيحة الصريحة من القرآن والسنة وتتمثل فيما يلي:-

أولاً: أن الله تعالى أقسم بها:

وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى: { وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ }، والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين، وكما قال بذلك ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد وقتادة والضحاك والسدى ومقاتل ومسروق، وغير واحد من السلف والخلف.

ثانياً: أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره:

 قال تعالى: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } ( الحج : 28) ، وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات التي يستحب فيها الإكثار من ذكر الله تعالى هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس. وقال صلى الله عليه وسلم:”ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد “( أخرجه أحمد وصحّح إسناده أحمد شاكر.)، فأمر صلى الله عليه وسلم فيها بكثرة التسبيح والتحميد والتكبير ، وكان سعيد بن جبير – رحمه الله – إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يُقدَرُ عليه. وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيّام العشر يكبران ويكبر النّاس بتكبيرهما، وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً ، وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيّام، وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه تلك الأيّام جميعا.

 

 

ثالثاً: شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم لها بأنها أفضل أيام الدنيا:

فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” أفضل أيام الدنيا أيام العشر – يعني عشر ذي الحجة – قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب”( أخرجه البزار وابن حبان وصححه الألباني)، وقال صلى الله عليه وسلم: “أفضل أيام الدنيا أيام العشر”( صحيح الجامع)، ولذلك فإن العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالي منه في بقية العام، قال ابن كثير: وبالجملة.. فهذه العشر أفضل أيام السنة كما نطق به الحديث، وفضلها كثير على عشر رمضان الأخيرة؛ لأن هذا يشرع فيه ما يشرع في ذلك من صلاة وصيام وصدقة وغيره، ويمتاز هذا باختصاصه بأداء فرض الحج فيه.”، وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-: أيهما أفضل: عشر ذى الحجة أم العشر الأواخر من رمضان؟ فأجاب: أيام العشر من ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة . قال ابن القيم ـ رحمه الله: وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافياً كافياً، فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذى الحجة وفيها يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية، أما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها وفيها ليلة خير من ألف شهر، ونخلص من ذلك :أن أيام العشر من ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان لاشتمالها على يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة لاشتمالها على ليلة القدر.

رابعاً: أنها من جملة أربعين موسى عليه السلام :

وهي العشر المذكورة في قوله تعالى: { وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} ( الأعراف: 142) ، قال ابن كثير : ” الأكثرون على أن الثلاثين هي: ذو القعدة وعشر ذي الحجة، قال بذلك مجاهد، ومسروق، وابن عباس وابن جريج، وغيرهم. وعن جابر رضي الله عنه قال:{وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} قال: عشر الأضحى. وعن مجاهدـ قال: ما من عمل من أيام السنة أفضل منه في العشر من ذي الحجة، قال: وهي العشر التي أتممها الله عز وجل لموسي عليه السلام.”

خامساً: أنها ضمن أيام الأشهر الحرم:

وقد تكلمنا مع حضراتكم في خطبة كاملة عن الأشهر الحرم وفضلها.

سادساً: أن الله أكمل فيها الدين وأتم علينا النعمة:

ففي يوم عرفه  كمل الدين ونزل قوله تعالى : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ( المائدة : 3 )، وقد جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فقال: يا أمير المؤمنين، إنكم تقرءون آية في كتابكم، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: وأي آية؟ قال قوله: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزلت عَشية عَرَفَة في يوم جمعة.وكأن الله جعل عيد الفطر لبداية نزول القرآن في رمضان، وعيد الأضحى لإكمال الدين في فريضة الحج، فكان نزول القرآن بدايةً ونهايةً مقروناً بفريضتين عظيمتين هما: ( الصيام والحج ) وعيدين سعيدين هما: ( الفطر والأضحى ).

سابعاً: اجتماع أمهات العبادة فيها :

كالصيام والصلاة والزكاة والحج والبر والإنفاق وغيرها؛ فضلا عن اشتمالها على أيام مباركة.

ففيها يوم عرفة :

 ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً، وقد جاءت أحاديث كثيرة في فضل يوم عرفة وصيامه وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه، منها ما أخرجه الإمام مسلم من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء” ، وأخرج مالك في الموطأ عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما رؤي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذلك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب”، لذلك يتأكد صوم يوم عرفة، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم  كما في صحيح مسلم أنّه قال عن عرفة: ” أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده.”

وفيها يوم النحر:

 وهو أفضل أيام السنة عند العلماء، قال صلى الله عليه وسلم ” أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر “( أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الألباني في صحيح الجامع)، ويوم القر: هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة، سمي بذلك لأن الناس يقرّون فيه بمنىٍ. قال ابن القيم: خير الأيام يوم النحر، ثم يوم القر.كما في الحديث.

وفيها الركن الخامس من أركان الإسلام: وهو الحج، وما أدراك ما الحج !؟ فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه”.

وفيها الصيام:

 فعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت :” كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيّام من كل شهر.”( أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم) وقال النووي عن صوم أيّام العشر أنّه مستحب استحباباً شديداً، وأجاب العلماء عن حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم لم يصم العشر قط، بأنه إذا تعارض مثبت ومنفي قدم المثبت على المنفي، فلو قال أحدٌ رأيت المحافظ في السوق، وقال آخر : كنت في السوق ولم أره ، قدم المثبت على المنفي.

وفيها الأضحية:

وهي من أفضل أعمال يوم النحر ، فعن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ما عمل ابن آدم من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض فيطيبوا بها نفسا “( أخرجه الترمذي وصححه الألباني في تعليقاته على مشكاة المصابيح)، ويستحب للمضحي أن يمسك عن شعره وأظفاره لما روى مسلم عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :” إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره ” ولعل ذلك تشبهاً بمن يسوق الهدي، فقد قال الله تعالى: { وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّه} ( البقرة : 196)، وهذا النهي يخص صاحب الأضحية ولا يعم الزوجة ولا الأولاد؛ إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه، وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نيته ولا أثم عليه فيما أخذه قبل النية.

وفيها البر والصلة وقراءة القرآن والإنفاق وقيام الليل…………إلخ

فحري بنا أن نجتهد في هذه الأيام المباركات؛ وأن نستغل هذه النفحات الطيبات؛ عسى أحدكم أن تناله نفحة لا يشقى بعدها أبدا.

رزقنا الله وإياكم حج بيته الحرام.

الدعاء……..                    وأقم الصلاة،،،،

كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

د / خالد بدير بدوي

 

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »